اليقظة الإستراتيجية

اليقظة الاستراتيجية

 مقدمه :

إن واقع الحال فى مناخ الأعمال المتغير يجعل من الأهمية بمكان إستمرار إلقاء الضوء على الأدوات التى تساعد القادة والمديرىن على التعامل مع هذا المناخ المتغير ومنها اليقظة الإستراتيجية كأحد أهم هذه الأدوات، وفيما يلى عرضا موجزا لموضوع اليقظة من حيث المفهوم والأهمية والأبعاد .

أولا: مفهومها وأهميتها :

تعد اليقظة الإستراتيجية الوظيفة العملية للمنظمة، التي تهتم بجمع المعلومات باستمرار وتحليلها ونشرها وإستخدامها الإستخدام الأمثل من أجل مساعدة المديرين على اتخاذ القرارات المناسبة التي من شانها تطوير المنظمة(طجين العالية، 2014، 7)

  • وهي أن تبادر المنظمة باجراء ما يلزم لأعداد واستباق الأحداث للتقليل من أثارها من خلال استحداث أساليب جديدة (محمد حسين، 2018،305)
  • واليقظة عملية مستمرة تنفذ بشكل جماعى يقوم بها مجموعة العمل بشكل استباقى، وباستخدام المعلومات التي تخص التغيرات التي قد تحدث في البيئة الخارجية، وذلك من أجل خلق فرص الأعمال والحد من المخاطر وحالة اللاتاكد مما يسمح للمنظمة التصرف بسرعة وفي الوقت المناسب، ( Humbert, L., and Blanco, S., 2002, 7)
  • وفى رأى مكمل لما سبق تعرف بانها المتابعة الإجمالية والذكية لمحيط المنظمة لرصد المعلومات الحاملة لفرص المنظمة (Hermel, L.,(2007, 2)
  • وتتضح أهمية اليقظة فى كون المؤسسة بحاجة إلى وضع نظام فعال لليقظة الإستراتيجية، يسمح لها بمتابعة، ورصد ومراقبة سير العمل بها، وضبط علاقتها بالبيئة التي تنشط فيها خاصة ما يتعلق بالمنافسين ، من خلال معرفة رواد المجال ، وتحديد نقاط قوتهم وضعفهم ، وأهدافهم وتطلعاتهم ، وتوجهاتهم، و سياستهم، وإستراتيجيتهم وجمع المعلومات الخاصة بذلك ومعالجتها، وإيصالها في الوقت المناسب إلى مراكز اتخاذ القرار(Tamboura, B., 2008, 47)
  • وبالمقابل فإن غياب اليقظة يؤدى إلى العديد من المشكلات الداخلية والخارجية، لذلك فالقادة اليقظون يمكن إن يجنبوا المنظمة حالة الغموض وتحويلها إلى حالة البحث وراء المشكلات وأسبابها واستخدام المعلومات التي تسهم في مواجه التحديات والتفكير في تطوير الحلول المبدعة قبل أن تصبح مشاكل كبيرة (إنتصارعزيز،2015،20)
  • وتساعد اليقظة الإستراتيجية على التنبؤ بالفرص وحسن استغلالها وتجنب التهديدات وآثارها، وتشخيص وتحديد أفضل الممارسات التي تخدم المنظمة وإستراتيجيتها وتضمن لها مواجهة المنافسة في مجال أعمالها، وتوسيع حصتها السوقية(Richet X., and Guerraoui D., 2005,176)
  • وتستند اليقظة على مجموعة من الأمور(اختيار الإستراتيجية المثلى للمؤسسة، ومعرفة الأسواق المستهدفة، واتخاذ القرارات الصائبة، واغتنام الفرص المتاحة في الأسواق، وقياس المخاطر، والتنبؤ بالتغيرات سواء متوسطة أم بعيدة الأجل، وملاحظة المحيط الاستراتيجي، وأخيرا تحليل المعلومات التى يمكن أن تؤثر على تنفيذ الإستراتيجية(Michel D and Michel S., 2007,26)

ثانيا: إبعاد اليقظة الإستراتيجية:

 تقسم ابعاد اليقظة الإستراتيجية على حسب ميدان النشاط المستهدف حيث نجد أنواع متعددة تمت الإشارة إليها من قبل الكثير من الباحثين في موضوع اليقظة الإستراتيجية ومنها:

  • اليقظة الإقتصادية :وهى البحث، المعالجة والنشر للمعلومات المتعلقة بمجال عمل المنظمة ، وهذا النوع من اليقظة يقوم على متابعة المتغيرات الإقتصادية فى بيئة المنظمة(Lesca H. 1997,38)

وهو أيضاَ إدراك المنظمة لطبيعة مواردها الإقتصادية وما تتسم به من ندرة نسبية وكيفية الإستثمار الأمثل لهذه الموارد سواء كانت مادية أو بشرية أو مالية.

  • اليقظة الإجتماعية :وتعنى الإحاطة بعدد من المتغيرات ، التى تؤثر فى المنظمة، وبيئتها وهى عملية البحث والجمع والمعالجة للمعلومات المتعلقة بالمحيط الكلى للمنظمة والتطورات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية(AKLI, M., 2008,18)

وكذلك هو أن تتبنى المؤسسة سياسة واضحه لدورها الإجتماعى تحدد بوضوح مسئولياتها تجاه المجتمع، ما يمكن أن توفره من خدمات لهذا المجتمع ، الشراكات المتاحة بالمجتمع وما يمكن أن ينتج عنها من فرص للمؤسسة تسهم فى تحقيق مزاياها التنافسية وتتعامل بيقظة مع المتغيرات الإجتماعية المحيطة.

  • اليقظة البيئية : وتخص عناصر البيئة الطبيعية للمنظمة ويعد الإيفاء بها مهمة صعبة بالنسبة للمنظمة، وعليه يجدر بالمنظمة تحليل المعلومات ومعالجتها التى تؤدى إلى قرارات تحافظ على سلامة وصحة البيئة.( Bloch, A., 1999,16)

كما أنه من الأهمية بمكان أن تتحمل المؤسسة مسئولياتها تجاه البيئة وخاصة البيئة الداخلية والبيئة المحيطة وتدرس تطبيق نظام للإدارة البيئية (EMS) يتحكم فيما يصدر عن هذه المؤسسة من ملوثات أو يساهم فى خفض حدة الأثار البيئية على المجتمع المحيط .

  • اليقظة التكنولوجية: وتعنى قيام المؤسسة بمراقبة وتحليل المحيط العلمي، التقني والتكنولوجي وتأثيراتها الاقتصادية الحاضرة والمستقبلية، وبالتالي فهي اليقظة التي تكرسها المؤسسة بصفة خاصة لتطور التكنولوجيات (داودى الطيب ، 2007، 35) ومن فوائدها أيضا أنها مجموع الأنشطة التي تسمح بمراقبة محيط المؤسسة ومتابعة الإبداعات التكنولوجية، جمع المعلومات عن التطورات والابتكارات التكنولوجية ومعالجتها، إيصال هذه المعلومات إلى مراكز اتخاذ القرار فى المؤسسة.(إبراهيم عباس، 2018، 22)

وهو أيضاً أن تعمل المؤسسة على الرصد المتتابع لطرق الإستفادة من التطور التكنولوجى سواء فى بنية الإتصالات الداخلية أو الخارجية أو قدرة موقعها الإلكترونى على تحقيق ميزة تنافسية ووضع المؤسسة على منصة الرصد لبعض التصنيفات العالمية مثل (web matrix)

  • اليقظة التنافسية:اليقظة التنافسية أو الاستعلام التنافسى هى النشاط الذى من خلاله تتعرف المؤسسة على منافسيها الحاليين والمحتملين، وتهتم أيضا بالمحيط الذي تتطور فيه المؤسسات المنافسة فاليقظة التنافسية تهتم بمراقبة أنشطة المنافسين من خلال جمع معلومات ضرورية لفهم سلوكياتهم وذلك من أجل الاستعداد لمواجهة تصرفاتهم المستقبلية، فالتعرف على وضعية المنافسين ( قدراتهم الحالية، واستراتيجياتهم،…) وتحليلها أمر يسمح للمؤسسة بتحديد الطريق الواجب اتباعه في حالة ظهور أى خطر من طرف المنافسين لها.(رتيبة حديد ، 1998)

واليقظة التنافسية لا تتوقف فقط عند حدود رصد المنافسين وأنما تتطرق إلى رصد تطور أدوات تحليل المنافسين وما يطرأ عليها من تحديث ، وإستخدام الأساليب العلمية المتطورة ،  فقد تكون المؤسسة بالفعل تقوم برصد حركة المنافس ولكن أليات الرصد لا تتسم بالموضوعية أو الاسلوب العلمى مما يجعل جهد فريق الرصد يذهب هباءا .

  • اليقظة القانونية: وتتمثل اليقظة القانونية فى تتبع ورصد تطور القوانين والتشريعات والأنظمة فى القطاع الذي تنشط فيه المؤسسة ، فالمؤسسات مهما كان موقعها الجغرافي عليها معرفة الأنظمة الموجودة والسائدة في المنطقة وكذا تطور السياسات ولذا لابد على المؤسسة من متابعة هذه القوانين والتشريعات التي تصدر من الهيئات الحكومية أو الوزارية أو أي هيئة من الهيئات الرسمية في الدولة وذلك لأن مثل هذه القوانين تؤثر على نشاط المؤسسة فقد تكون فرصا تمنحها الدولة أو العكس(إبراهيم عباس، 2018،25).

كما أن اليقظة القانونية وقدرة المؤسسة على قراءة وتحليل ما يصدر من تشريعات أو قوانين ذات علاقة بنشاط المؤسسة وما إلى ذلك من أحكام وضوابط تتسم بالتغير وخاصة على مستوى مؤسسات التععليم العالى الخاص ، يعد حجر الزاوية لتحقيق الإستقرار المؤسسى والبعد عن أى أزمات قانونية قد تحدث نتيجة لمخالفة قواعد منظمة .

ومما سبق عرضه يمكن الإشارة إلى أهمية اليقظة الإستراتيجية بأبعادها السته السابق ذكرها فى أمرين

الأمر الأول : أن أبعاد اليقظة الإستراتيجية تعتبر إمتدادا لعمليات تحليل البيئة الخارجية  ، مما يعنى أن عمليات التحليل الرباعى للمؤسسة التى تمت عند صياغة الخطة الإستراتيجية لن تتوقف بل سوف تمتد من خلال توافر حالة اليقظة الإستراتيجية وبالتالى يمكن ضمان نجاح عملية التخطيط الإستراتيجى ، فكثيرا ما تتوقف المؤسسة عند حدود نتائج عملية التحليل البيئى على الرغم من أن هناك العديد من المتغيرات الطارئة والتى تستوجب إجراء تعديلات داخل الخطة التنفيذية للخطة الإستراتيجية .

الأمر الثانى: أن المؤسسات ذات اليقظة الإستراتيجية هى مؤسسات دائمة التطور ولا تتوقف عند حدود بعينها فهى ترى من كل مرحلة تقدم خطوة إلى مرحلة أخرى من التطور والنمو .

ويشير الباحث إلى أن أبعاد اليقظة لم تتناول بعدا أخر ألا وهو “اليقظة العلمية ” ويفسرها الكاتب بأنه يقظة المؤسسة لما ينشر من أبحاث علمية ترتبط بطبيعة نشاطها وتطور أساليب العمل أو فيما يتعلق بالأبحاث المتعلقة بأساليب التطوير الإدارى، ومن ثم يمكن للمؤسسة تصحيح الأخطاء الداخلية بتطبيق ما أسفرت عنه نتائج الأبحاث العلمية المنشورة فى هذا الشأن .

كاتب المقال

الدكتور / وائل عبد الحميد
إستشارى التخطيط الإستراتيجى
خبير ضمان الجودة فى التعليم العالى

8 أغسطس، 2022